"الجرين
برجر" و"الفلاسك" آخر "تقاليع" المجتمع المصرى
"عقدة
الخواجه" سور بين الشعب المصري وتمسكه بأصوله
كتبت/ آلاء الطباخ وأسماء عزت وريم طلعت
لم يتوقف الشعب المصري يومًا عن ابتكار تقاليع فى كافة
تفاصيل حياته اليومية، بداية من اللبس والأكل والشرب، مروراً بتقاليع الأفراح
وأعياد الميلاد وديكورات المنازل التى تحمل كل يوم تقليعة جديدة، واختراع وظائف
جديدة، وخلق حلول مبتكرة لكل مشكلة، الأمر الذي نتج عنه تغيير اللغة والثقافة،
وغيرها من التقاليع التي يعيشها المصريين؛ فهو الشعب الذي اختار صيغة للتمرد على
الثوابت واحتفظ لنفسه بلقب الشعب الأكثر ابتكارًا بين شعوب العالم.
فعلى شاكلة "أخويا هايص وأنا لايص".. قدم لنا
مجتمع "الكومباوندات" والأحياء والمجمعات السكنية الراقية والمدن
الجديدة، لغة ومصطلحات جديدة وأسلوب مختلف في الحديث والعادات، يتماشى مع مستوى
معيشتهم، حتى أصبح الأمر يثير سخرية الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فتحولت
"الطعمية" – الأكلة المصرية الشعبية الأشهر-إلى "جرين برجر"،
وتحول "الحرنكش" الذي اعتاد طلاب المدارس البسطاء أن يشتروه كتسلية
للأكل بعد انتهاء اليوم الدراسي، إلى "جولد بيري" لدى مجتمع
"ايجيبت" كما أطلق عليهم رواد "السوشيال ميديا".
تقاليع الطعام
أصبح
متداول بين فئات من النشء تصنيف بعضهم إلى " منتمين لمصر " وآخرين "منتمين لـ Egypt"، وعلى الرغم أن
الكلمتين تعنيان نفس البلد ولكن التصنيف يحمل وراءه اختلافات معاني اقتصادية
واجتماعية وطريقة المعيشة ويظهر ذلك حتى في أبسط الاشياء مثل الفرق بينهم في الاكلات،
فعلى سبيل المثال أن الطعمية من الأكلات المصرية الشعبية الأصيلة ولكن يطلق عليها
" بتوع ايجيبت" "جرين
برجر"، ويطلقون على الملوخية" جرين سوب" وجاءت التعليقات ساخرة علي
ذلك " كله كوم وجرين سوب دي كوم لوحدها "، " دي فشخرة كدابة ما طول
عمرنا اسمها طعميه" ومن المتعارف عليه أن المحشي هو الأكلة الرسمية للمناسبات
ولكن مع التطور الذي نشهده الآن تطور وأصبح اسمه " الرولز رايس "
والمكرونة بالصلصة أصبحت " بالريد صوص"، وأكلة الكشري الشهيرة في مصر
أصبحت بإسم " "ايجيبشن باستا"، كما ظهر "yellow m.m"
وكانت المفاجأة أنه الترمس الأصفر، بل الأمر لم يتوقف على اختلاف أسامي الأكلات فقط،
إنما أيضًا تغيرت بعض أسامي المشروبات المصرية الشهيرة، حيث أطلق البعض على عصير
القصب بإسم "الكان جوس"، كما أُطلق على كوب الشاي بإسم "الشاي
الاخضر"... إلخ.
وقال
أحمد طارق 25 عامًا " من يوم ما سمعنا الكلام ده ومشوفناش البركة
نهائيا"، وتزايدت أسعار الأكلات بصورة مبالغ فيها بمجرد تجردها من اسمها
الشعبي الشهير واعطاءها اسماء وطابع غربي، وأضاف أنه يجب التحدث والتفاخر بلغتنا
المصرية الشعبية لأن تلك الأسماء للأكلات (الكشري والمحشي والملوخية.. إلخ) تلك
الأسماء هي ما تعطينا طابع مصري مميز ومرتبط بعاداتنا وتراثنا ويجب ألا نستعمل اي
مصطلحات دخيلة علينا لأن ذلك ليس مجال للفشخرة.
رمضان في "ايجيبت حاجة تانية"
بالنسبة
للعبادة فهو أمر مشترك بين مصر وايجيبت، أما بالنسبة للأجواء الرمضانية فقد كان
الفرق شاسعًا ففي مصر تتسم بالبساطة تتمثل في العزومات العائلية والزينة بالطرق
التقليدية وحلويات رمضان المتعارف عليها مثل الكنافة والقطايف، أما في ايجيبت ف
الحلويات أصبحت بالنوتيلا واللوتس والبستاشيو، وظاهرة" الخيمات
الرمضانية" و"الرمضان نايتس " ويرتدون العباية التي أصبحت تُسمي "قَفطَان"، بالإضافة أن عمل
الخير صار مختلفًا حيث يقوم الشاب بتصوير سيلفي مع الشخص الذي يعطف عليه وعلق عمرو
مصطفى 35 عامًا، " ده اسمه الخير الأونلاين".
ومؤخراً
شاع مصطلح " رمضان nails"
وهي طريقة أظافر تمنع الوضوء مرسوم عليها هلال ونجوم وعلقت جهاد قسمت
مستنكرة " كده بقت حلال يعني !"، واشتمل الأمر علي إعلانات رمضان عن
الوحدات السكنية التي توحي دائمًا بالسعادة وأنه لا يوجد مشاكل وقصص الحب التي
تنتهي بالزواج وهي ظروف غير مشابهة لحياة معظم الشعب وعلقت على ذلك تسنيم عامر
" هو لازم عشان أعيش قصة حب أسكن في كومباوند".
وفي الأيام الأخيرة ظهرت شخصيات كثيرة تتحدث بأسلوب ملفت للإنتباه ومختلف عن الطبيعي والمعتاد، لكي يكونوا تحت مسمى “ فتيات ايجيبت”، وليس “فتيات مصر”، وهنا بالفعل يوجد فرق شاسع بينهم أثناء الحديث؛ لأن فتيات ايجيبت نتعرف عليهم الآن بأن لهم طريقة خاصة بيهم أثناء الحديث غير متلائمة مع حديثنا الطبيعي المتعارف عليه، حيث لاحظنا في الفترة الأخيرة أن يوجد فتيات تتحدث بطريقة مثيرة وعجيبة ومتصنعة، ومثال على ذلك فتاة التيك توك التي أثارة الجدل ونالت شهرة كبيرة جدًا بعد حديثها في برنامج على الهواء وتسمى سندس عبد الهادي التي اتشهرت بإسم “سندس كده كده” تعيبًا على طريقة حديثها أثناء البرنامج، فمثل هذه الأشخاص طريقة حديثهم تعتبر مزيج بين كلمات عربية قليلة وكثير من الكلمات الإنجليزية أو اللغات الأخرى.
بالإضافة
إلى أن أثناء حديثهم يدخلون بعض المصطلحات المثيرة والغريبة، التي لم نكن نسمع
عنها من قبل، وعند سمعها بيتم التعارف على أن اصحاب هذه الكلمات “فتيات ايجيبت”،
وهذه الكلمات مثل “شوجر دادي”، “الفريند زون”، “باد بوي”، “باد جيرل”، “ده كده
كده”.. إلخ، وعلقت على ذلك شهد حسين البالغة من العمر 28 عامًا، “ زي ما في بنات
بتعوج لسانها في شباب برضو بتعوج لسانها” فالأمر ليس متوقف على البنات فقط، بل
ايضًا الشباب والرجال يفعلون ذلك، تحت مسمى “شباب ايجيبت” وليس "شباب
مصر".
وقال
محمد أحمد، يبلغ 35 عامًا، أن هذا الأسلوب غير لائق على الإطلاق بمجتمعنا الشرقي
العريق، فيجب الابتعاد عن تقليد المجتمع الغربي والالتزام باللغة العربية التي
يتميز بيها مجتمعنا، ويجب علينا أن نتحدث بالطريقة الصحيحة الواضحة والابتعاد عن
بعض الألفاظ والعبارات الغير ملائمة للغتنا وطبيعة حديثنا، فلا داعي على ذلك لمجرد
إثارة جدل أو كونك من أهل إيجيبت.
طلاب مصر وطلاب Egypt
مع
عودة المدارس تستعد كل أفراد الأسرة لتحضير الأدوات المدرسية، ولكن ظهرت فى الآونة
الأخيرة بعض المستحدثات الخاصة بتحضير الأدوات المدرسية.
فعلى
سبيل المثال، الأدوات المدرسية وهم القلم الجاف، والقلم الرصاص، والأستيكة،
والمسطرة، والبراية، وهي أدوات مكتبية عادية يستخدمها الأشخاص الذين ينتمون لسكان
مصر فى المدارس الحكومية أما المدارس الخاصة فهم يستخدمون الفوم جيلتر، والشمع،
ومادة لاصقة، وأطباق فل، وأقلام سبورة، والعديد من الطلبات المكتبية التي يطلقون
عليها السبلايز، ثم الكيس البلاستيك أصبح هذا المصطلح ينتمى إلى الأشخاص الذين
يمثلون مصر، والذى تستخدم لوضع السندويشات للحفاظ عليها أما المدارس الخاصة فإنهم
يطلقون عليهم الانش بوكس والتي تستخدم لوضع السندويشات مع مزيد من الفواكة
والسناكس التى يمكن تناولها في وقت الراحة، وأيضًا الزمزمية والذى يستخدمه الأطفال
لشرب الماء البارد والحفاظ عليه، على النقيض الآخر يستخدم طلاب إيجيبت مصطلح
الفلاسك وهي نفس الزجاجة البلاستيكية أو استانلس لحفظ المياة والعصائر والمشروبات،
وجدير بالذكر مصطلح الفسحة فهو يعنى وقت الفراغ الذى توفره المدرسة للطلاب في نصف
اليوم الدراسي؛ لتناول الطعام أو اللعب أو الحديث مع الرفقاء، فهؤلاء كانوا ينتمون
لطلاب مصر، على النقيض فإنه طلاب إيجيبت يطلقون عليه وقت البريك مع إنها تحمل نفس
المعنى وهو الوقت اللازم لقضاء الوقت مع الأصدقاء وتناول الطعام واللعب.
قالت نورا السيد، أم لـ 3 أطفال، أنه منذ أن بدأ أطفالها يطلقون هذه المصطلحات الإنجليزية فى حديثهم، وتشعر إنهم لا ينتمون لسكان مصر، وهي تشعر أنها سخافة ولا تدل على المعنى العميق والأصلي للكلمة أو الأشياء، فهي ترى أن الأصل هي اللغة العربية والتى يجب أن نعتز بها أكثر من ذلك وعدم اتخاذ عقدة الخواجة دليلاً على الرقى أو البعد عن معدننا الأصيل التي تربينا ونشأنا عليه.