الحرب النفسية تحاصر غزة من كل مكان
كتب: ساره سلطان، ريم طلعت، ساره الصواف، زياد أبو الفتوح
عواقب الحواجز النفسية في الحرب
إن حرب فلسطين تترك آثاراً نفسية عميقة على الأفراد، فالحزن والخوف والقلق يصبحون شركاء يومين، وبخصوص ذلك أكدت لنا الطالبة الفلسطينية لينا محمد علي، طالبة بالفرقة الرابعة، كلية العلوم، جامعة الإسكندرية: " غالباً ما نجد أنفسنا في حالة من الضياع وعدم الاستقرار نتيجة للخوف على أحبائنا وأقاربنا هناك و قد يظهر ذلك في توتر العلاقات الاجتماعية بسبب التوتر النفسي، والصعوبة في التركيز في الدراسة أو العمل بشكل طبيعي أن التعبير عن تلك المشاعر صعباً ويتركز جميع ما نشعر به الآن بأن العالم ليس أماناً".
الاضطرابات النفسية والقلق من أبرز التحديات التي يواجهها الأفراد خاصة في الشرق الأوسط، فإنه يعاني الأفراد من انعزال إجتماعي، أو تفادي الحديث عن الموضوع خوفاً من التصاعد النفسي، وقال عبد العزيز حسين، طالب فلسطيني بكلية الحقوق الفرقة الثانية جامعة المنوفية، أننا نشعر بالحزن واليأس تجاه الحالة المستمرة للعنف والدمار، ويزيد هذا الوضع من مستويات القلق والاكتئاب بين الناس، فنشعر بالعجز والضعف أمام الظروف القاسية التي يعيشها أهلنا في فلسطين، ويصعب علينا مشاركة أحزانهم والتعبير عن مشاعرنا؛ بسبب الشعور بالعجز، وعدم القدرة على المساعدة، وأننا نجد أنفسنا محاصرين بين الحقيقة الموجعة للواقع وبين الأمل في تغييره، ويظهر شعور الغضب والاحتقان بين الناس نتيجة للظلم والاضطهاد الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
استراتيجيات التأقلم في ظل الحروب بفلسطين
يمكن أن تؤثر الحرب على الثقة بالأشخاص المحيطين، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد يمكن أن يلعب دورا هاما في مساعدتهم على تجاوز تلك التحديات والتأقلم مع الظروف الصعبة التي يمرون بها فأوضح لنا حماد صبحي، استاذ طب نفسي بجامعة فاروس بالإسكندرية :"تسبب الحروب القلق واضطراب ما بعد الصدمة لدى الأفراد يمكن للحروب أيضاً أن تؤثر على العلاقات الاجتماعية والشخصية بشكل سلبي، حيث يزيد من الصراعات والتوترات بين الأفراد ويؤدي إلى انعزالهم وفقدان الثقة في الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الضغوطات النفسية الناجمة عن الحرب إلى زيادة العنف الأسري والانهيارات العاطفية، مما يؤثر على العلاقات العائلية والاجتماعية بشكل كبير.
وأكمل أن من الضروري تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد المتأثرين بالحروب والصراعات، وتقديم الرعاية النفسية والخدمات المناسبة؛ لمساعدتهم على التعامل مع تلك الضغوطات وبناء قدراتهم على التكيف مع الظروف الصعبة التي يعيشونها؛ يمكن أن تشمل هذه الخدمات جلسات الاستشارة النفسية والعلاج النفسي الذي يساعد على التعبير عن المشاعر، والتفكير بوضوح حول التجارب الصعبة التي عاشوها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن تقديم الدعم الاجتماعي من خلال توفير فرص للتواصل مع المجتمع المحلي، وبناء شبكات دعم قوية؛ للمساعدة في تعزيز العلاقات الإجتماعية، وتشجيعهم على البحث عن الدعم عند الحاجة، والتعاون الاجتماعي في مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية التي تنشأ نتيجة الحروب والصراعات.
حرب غزة نفسية أم جسدية
قال يوسف، البالغ من العمر ٢٠ عاماً والمقيم في قطاع غزة، إن الحرب تركت آثاراً نفسية كبيرة على جميع الفئات العمرية، حيث انتشرت الأمراض النفسية خلالها، ويواجه البعض مشاكل نفسية كبيرة يحتاجون فيها لزيارة أطباء نفسيين للعلاج. وأضاف أن هناك حواجز نفسية تعيق البعض، مثل كيفية التغلب على الخوف من الاحتلال ووحشيته في الحرب، مما جعل الناس غير قادرين على التعامل مع العديد من الأمور بشكل طبيعي بسبب الخوف. وأشار إلى أن الأطفال والشباب يعانون من القلق بشكل كبير، ومع ذلك بعضهم يتمكن من التكيف مع الوضع. ورغم مأساة الحرب، فإن الناس ما زالوا يسعون للتجمع وقضاء الوقت سوياً للتخفيف من آثار الحرب على نفسياتهم، والتأكيد على التغلب على القلق النفسي من خلال الحلقات الدينية في المساجد أو المنازل، حيث ينصح بالصبر واعتبار هذه التجارب اختباراً من الله، رغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بالناس وزادت من مستوى الخوف والقلق، إلا أن الأمل ما زال قوياً في قلوبهم.
عندما تحدث يوسف، الذي يبلغ من العمر ٣٠ عامًا ويعيش في مصر، عن الحرب في الفترة الأخيرة، أكد أن تأثيرها على أقاربه كان كبيرًا وسلبيًا. وصف يوسف الحالة بأنها صعبة للغاية في ظل الظروف الصعبة والمأساوية، وأن التواصل معهم أصبح نادرًا بسبب استخدام الاحتلال لأساليب قطع الكهرباء وشبكات الاتصال للتخويف.
وأشار يوسف إلى وجود حواجز نفسية نتجت عن الحرب، حيث أصبحوا دائمًا في حالة استعداد للموت في أي لحظة على يد الاحتلال، ومع استمرار الحرب، زادت الضغوطات يومًا بعد يوم، وأثرت على البعض بشكل كبير، مما دفع بعضهم إلى الانعزال، بينما تمكن البعض الآخر من الحفاظ على حياتهم الاجتماعية، وأثرت الحرب بالفعل على حياة الأطفال والشباب، لكنهم يحتفظون دائمًا بالأمل في أنهم سيصبحون مسؤولين عن تحرير الأرض المقدسة في يوم من الأيام، للتغلب على الحواجز النفسية، يجب على الأهالي والجيران الاجتماع دائمًا؛ لدعم بعضهم البعض وتخفيف القلق عن أنفسهم، وعلى الرغم من تزايد عدد القتلى، يعتبر الشعب ذلك جزءًا من مسيرتهم، مما يزيد من إيمانهم وصبرهم في مواجهة الظروف الصعبة.
قالت الخبيرة النفسية الأستاذة نرمين محمد حول القضية الفلسطينية إنها حرب نفسية، حيث يستخدم الاحتلال أساليب حرب نفسية تؤثر بشكل كبير على الشعب. وأكدت أن استخدام هذا النوع من الحرب لا يقل أهمية عن استخدام الأسلحة الحربية، حيث يركز السلاح النفسي دائماً على المشاعر والنفسية.
وأضافت أن أبرز الحواجز النفسية التي قد تحدث هي العزلة الاجتماعية والاكتئاب، ويمكن أن يصل الأمر إلى حدوث خلل في الدماغ وحتى الموت ببطء، حيث يؤدي الاضطراب النفسي المفرط إلى أمراض عضوية خطيرة.
وأشارت إلى أن الضغوطات النفسية الشديدة على الشعب تؤثر عليهم بشكل كبير نفسياً وتظهر على ملامحهم بالحزن والخوف بشكل مبالغ فيه، كما يفضل الكثيرون البقاء وحيدين وعدم التواصل مع الآخرين، مما يؤدي إلى الاكتئاب.
وأكدت أن تأثير الحرب على الأطفال يبقى خطيراً عليهم، حيث لا يمتلكون النضج الكافي لفهم ما يجري حولهم، ولكنهم يعيشون في حالة ذعر شديد، بينما يسعى الشباب بشتى الطرق لتقديم المساعدة لأنفسهم ولأهلهم.
ويمكن التغلب على التحديات النفسية من خلال عقد جلسات وحلقات تنمية بشرية، حيث يتم التحدث عن أبطال قاموا بالنضال من أجل حرية الوطن ورفع روح الأمل والتفاؤل في نفوسهم.
غزة بين الانكسار والصمود
قالت يسرا الحمارنة البالغة من العمر 22سنه الحر بالتأكيد تدمر الصحة النفسية للشعب الفلسطيني كما انها تسبب العجز و الاكتئاب و الضغط النفسي وذلك يجعلهم مهمومين و منعزلين عن الخارج للبعض و للبعض الاخر يمكن ان تجعلهم اكتر اجتماعية، اما في هذه الفترة، بالتأكيد تكون صعبة و يمكن ان تسبب صدمات و حالات نفسية و لكن للبعض الاخر تقوم بتقويتهم و يكونوا اقوى في المستقبل بأذن الله، والحل الامثل لتخطي تلك الفترة الجسيمة يكون بالصلاة و الدعاء و ذكر الله، فالله – عز وجل – أعلم بحالتهم فهم في حال صعبة يرثى لها و الله – عز وجل -يرحم جميع الشهداء امين، فهناك من يكون قوي وهناك من يكون ضعيف منهار، و الله ينزل صبرة عليهم دائما.
اضافت هايدي علي البالغة من العمر 20عاما تأثر الحرب في فلسطين علي الصحة النفسية من خلال صنع وتوليد نوع من انواع الصراعات النفسية والهلع والخوف وايضا تقوم بتكوين الكثير من الصدمات النفسية للمريض والتي يصعب علاجها في المستقبل، كما انهم يواجهون صدمات نفسيه حالات هلع وخوف، عدم الشعور بالأمان وافتقاد القيمة الذاتية للنفس جراء الحرب، بالإضافة الى انها يمكنها ان تؤثر علي العلاقات الاجتماعيات من خلال صنع نوع من انواع الهلع لدي الافراد في فلسطين مما يجعلهم يتجنبون التحدث او الخروج من منازلهم وايضا تؤثر علي العلاقات الشخصية حيث أن اغلب الشعب الفلسطيني تعرض للكثير من الفقد سواء فقد لأفراد الأسرة او فقد لمنازلهم وممتلكاتهم او حتي لذواتهم ولقدرتهم علي استشعار السعادة مما يؤدي لخلق داومه من الاكتئاب والصدمات التي تلحق الفرد أينما ذهب وتؤثر علي جميع علاقاته الشخصية وحتي الاجتماعية، اضافت ايضا ان الحرب علي الاطفال والشباب بشكل كبير خاصة في الجانب النفسي حيث تجد الاطفال يخافون ويهلعون جراء سماع اي صوت عالي وذلك نتيجة تكون صدمه نفسيه قد عاشوها في فلسطين أثناء الحرب ومازالت مستمرة ، وتجد الاطفال في معظم الوقت يجدون صعوبة في ممارسه الأنشطة العادية التي يمارسها جميع الاطفال ف العالم كالألعاب تناول الطعام المزاح والضحك وذلك بسبب الكم الهائل من الحرمان الذي تعرضوا له سواء بسبب قله الطعام ، عدم وجود مدارس كونها جميعها مدمره ، فقدانهم لأقارب من الدرجة الاولى كالأم والأب مما يكون ويرسخ الشعور بعدم الأمان لطفل، أما بالنسبة لشباب فنجدهم فاقدين للأمل وفاقدين لقيمه الذاتية للنفس حيث انهم يجلسون وينتظرون يوم هالكاهم بكل شغف ! وذلك بسبب فقدانهم المتكرر لعائلتهم واصدقائهم ورايتهم للقتلى المتتالي في الشوارع ، فقد فقدوا السلام فقدو الأمان فقدو كل شئ حتي أنفسهم ، فلم يعودوا يهتموا لشيء اخر الا يوم موتهم، كيف يمكن التغلب علي الحواجز النفسية الناجمة عن الحرب سؤال جميل واجابته بسيط جدا ، اجابته تتكون من كلمتين فقط وهي *إيقاف الحرب* هذا كل شئ هذا كفيل بمعالجه كل شئ دون حتي تدخل من اي جهة نفسيه فقط أوقفوا الحرب ! ومن ثم بإمكاننا التغلب علي الحواجز النفسية ، لا يمكن أن نتغلب علي تلك الحواجز دون إيقاف الحرب حيث أن تلك العملية شبيه بكونك تقوم بتعبئة كوب فيه فجوه كبيره كلما ملأت الكوب وجدت الماء يتسرب من الأسفل دون ايه فائدة ولكن عند توقف الحرب بإمكاننا ملئ الكوب وبسهوله ومن ثم معالجه المشكلات الناجمة عن الحرب فيما بعد من خلال توفير الدعم النفسي للأطفال والأفراد الذين تعرضوا للفقد والصدمات وتوعيتهم وطمأنتهم أن الحرب قد انتهت ومن ثم توفير الدعم الاجتماعي لهم حيث انهم فقدوا جميع منازلهم وممتلكاتهم، والحرب ادت اللي فقدانهم للقيمة الذاتية عندما تفقد كل من تحب فلم يعد للحياة طعم ولا لون ولا رائحه ولا شكل ويصعب عليك الاستمتاع بالحياة حتى وان انتهت الحرب فما الفائدة من العيش دون من احب؟ فيدخل كل فرد قد عاش تلك المأساة في فلسطين في حاله اكتئاب ويجلسون في دائرة "تمني الموت" حتي يتمكنوا من إلحاق بمن يحبون ويألفون.
اوضح الدكتور عبد العزيز آدم الأخصائي النفسي ان للحرب العديد من الاثار السلبية على الكبار والاطفال، وأنها تخلف مفاجيع عديدة يصبح العلاج النفسي فيها متعب ومجهد للطرفين، لذلك يجب اتباع الاتي لتقليل تلك الاثار، ومنها اليقين بقدرة الله فهي من أكثر السبل التي تريح النفس في كل المصائب، التحدث مع الآخرين، فالتحدث عما يتعبك مع المقربين منك سوف يجعلك تشاركهم معاناتك عند رؤية تلك المشاهد الدامية وسوف يقدمون لك الدعم النفسي.
للحرب أثار نفسية على الجميع
أوضح محمد عسال، إستشاري علم النفس السلوكي، أن جميع علماء النفس اتفقوا أن للحرب تأثير كبير على جميع السكان، الذكور والإناث بإختلاف أعمارهم ومستوياتهم الإجتماعية، موضحًا أن الصحة النفسية تُقام في هذه الظروف على عدة مبادئ، ومنها الفروق الفردية، وموقف الشعب هل هو مظلوم أم ظالم.
وأضاف عسال، أن الناس في هذه الظروف تصيبهم اضطرابات قد تكون بسيطة مثل هلواس سمعية وبصرية والشعور بالخوف والذعر وتوقع الأسواء وعدم الشعور بالأمان وعدم الشعور بالثقة، مضيفًا الإصابة ببعض الأمراض المعقدة مثل انفصام الشخصية وأعراضها الشك الدائم، والشعور بالإضهاد والاستهداف، وأيضًا أمراض ذهنية يصعب علاجها وفي بعض الأحيان يستحيل.
وأشار محمد أن الفروق الفردية بين الأشخاص لها تأثير على إستجابة الأفراد للأمراض النفسية، موضحًا أن هناك أشخاص لها استعداد للمرض، وأخرين لديهم مقاومة عالية للمرض، موكدًا أن كلاهما يتأثر ولكن بدرجات متفاوتة، ويحكم درجة التأثر المستوى الفكري والتعليمي والعمر واستعداد الفرد للمرض النفسي.
وأكد أن الشعب الفلسطيني يتعرض للعد من الحواجز النفسي، التي تجعلها لا يشعر بالأمان، وأيضًا عدم الشعور بالثقة والقومية العربية، وهذا نابع من شعور أغلب الفلسطينيين بالخذلان وأنهم يواجهون بفردهم.
وأوضح الاستشاري النفسي، أن الضغوط النفسية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني تؤثر على العلاقات والروابط الإجتماعية، وهذا الأن هناك روابط تتلاشى وأخرى تقوى وتتماسك، مثل روابط الخوف على الأخر والتكاتف، موكدًا أن الشعب الفلسطيني في هذا يختلف عن باقي شعوب أوروبا وأفريقيا وقت الحروب، حيث تتلاشى عندهم قيمة التكاتف، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني يستطيع أن يتعايش ويصنع لنفسه السعادة.
وأضاف العسال، أن لهذه الحرب تأثير على الأطفال والشباب في جعلهم أكثر جدية وحدة وصلابة؛ نتيجة للظروف الحرب القاسية، مضيفًا أن هذه الظروف قد تجعل الشباب سريع الاستثارة، بسبب كثرة الضغوط، وعدم الشعور بالقومية العربية، إضافة إلى تعرض الأطفال للأحلام المزعجة.
أوضح الاستشاري النفسي، أن تقديم الدعم النفسي لهم يتركز على الجانب الديني، وتقوية الإيمان بالله، وأن ما يحدث فترة وسوف تنقضي على الخير، وأن الله دائمًا معهم، موكدًا أن أي محاولة للمقاومة الأمراض النفسية عندهم سوف تكون ضعيفة، لأن ما يمرون بها هو واقع وهم لم يتحسنوا إلا إذا تحسن واقعهم.