وصف المدون

أسوار ... بإيديك الإختيار تسعى هذه المدونة لوضع جسور تتخطى الحواجز المجتمعية والنفسية بين الإنسان وما يدور حوله وهذا هو هدفنا الأول

خبر عاجل

تجمعهما روابط تاريخية وطبيعية.. جهود مصرية لتهدئة الأوضاع في السودان

إعلان الرئيسية


من المتسبب؟ ضعف الأجور أم غياب الضمير



كتبت : هبة المنزلاوي، آلاء الطباخ، سارة سلطان 


إن ظاهرة الدروس الخصوصية فتحت الأبواب لاستغلال الطلاب وأولياء الأمور على مصراعيها، من خلال العبء المالي الهائل عليهم، وقضت على دور المدرسة وأهميتها كمؤسسة تعليمية رسمية في إعطاء العلم وتنمية العقول والتفاعل الاجتماعي، وتطوير مهارات وقدرات الطلاب على الإبداع والابتكار، ولذلك أجرينا تحقيقا صحفيا للتعرف على أهم أسباب الظاهرة، واقتراح حلول عملية للتغلب عليها، واستعادة قيمة المعلم داخل الفصل، ودور المدرسة الحيوي والفعال في تنشئة الأجيال.


قال والد أحد الطلاب مصطفى علي، لدي ابن لم يرغب الذهاب إلى المدرسة كثيرًا واكتشفتُ أن ذهابه إلى المدرسة ما هو إلا لغرض تسجيله في الحضور فقط ولم يكن الغرض الأساسي هو شرح معلم الفصل والاستفادة منه، وكلما سألته لماذا لم تذهب إلى المدرسة كثيرًا، أجاب وقال لي لأنني اعتمد على شرح الدروس الخصوصية، فذلك أثر عليه كثيرًا في عدم ذهابه إلى مدرسته بانتظام والاستفادة الكبيرة من معلمين الفصل الذين يؤدون دورهم بدون اي مقابل من الطلاب بعكس الدروس الخصوصية التي تعتبر استغلالًا كبيرًا لدى الطلاب وأولياء الأمور، ومن هنُا نجد أن الدروس الخصوصية تعتبر كارثة كبيرة جدًا، وأنها السبب الرئيسي في تراجع دور المدرسة الأساسي وأهميتها وايضًا دور المدرس بداخل الفصل.


الدروس والاتكالية

قال والد أحد الطلاب أحمد محمود، أن الدروس الخصوصية أحد أسباب جعل الطلاب اتكاليين، وبعض المعلمين لا يقدمون كامل طاقتهم داخل الحصة الدراسية، لاعتمادهم على العمل بالدروس الخصوصية، والسبب في ذلك هو ضعف رواتب المدرسين واحتياجاتهم المادية والحياتية، كما أن هذه الدروس عبء على أولياء الأمور لا يُستهان به، فتكلفة الحصة الواحدة في الدرس الخصوصي50جنية او أكثر على حسب المادة. 

قال والد أحد الطلاب عبد الرحمن محمد، أن الدروس الخصوصية تعتبر استغلالًا كبيرًا ومشكلة كبيرة لدى أولياء الأمور، ومن وجهة نظري يرجع سبب لجوء الطلاب للدروس الخصوصية كثيرًا، هو صعوبة المناهج التي تُعد عقبة كبيرة أمام الطلاب، لأن المناهج الآن تعتمد على الحفظ لا على الفهم، فذلك هو السبب الرئيسي للجوء أغلبية الطلاب إلى الدروس الخصوصية، بالإضافة أنهم لم يستكفوا بشرح المعلم داخل الفصل والسبب الآخر أن من الممكن أن المعلم لم يقضي واجبه الصحيح في الشرح داخل الفصل.


أباطرة الدروس

أوضحت حنان صابر، مدرسة لغة عربية بمدرسة الشهيد احمد محمود مصطفى، أن الدروس الخصوصية جعلت من المدرس يستخدم التلاميذ كسلعة وكمصدر مادي وجعلت من المدرسين أباطرة الدروس بارتباطها بالدرجات وهذا لقلة مرتبات المدرسين والسبب الآخر جشع المدرسين، فالدروس الخصوصية جعلت من مهمة المدرسة تقليل وجودها وتقليل قيمتها فبدأ دور المدرسة يتقلص كمؤسسة وقيمة المدرس تضمحل لأن ماتت القيم بسبب الدروس الخصوصية والعلاقة بين المدرسة وأولياء الأمور انعدمت فيها الثقة، فعندما غاب التلميذ عن المدرسة فقد سماع القيم والارتباط النفسي بالمدرسة والمعلم، وعدم وجود التلميذ داخل جدران المدرسة، جعل التلميذ لديه عدم انتماء للمدرسة ولا لحب العلم وليس لديه هدف يعمل على تحقيقه والقيم التي يتعلمها ماتت فأنفصل عن حب العلم.

وأضافت مدرسة اللغة العربية، أن يوجد هناك حلول مقترحة للتغلب على هذه المشكلة، وهي يجب على الطلاب الانتظام بحضور المدرسة والاستماع الجيد للمدرس واحترامه والثقة بالمدرس كأنه أب أو أم وذلك لتوطيد العلاقة بين المدرسة والمعلم والمنزل لتصبح بيئة تساعد التلميذ على حب المدرسة والاستعانة بالتعليم عن طريق التكنولوجيا الحديثة، وايضًا يجب أن تعود المجموعات المدرسية رفقًا بولي الأمر واحترام كينونة المعلم وهو داخل مدرسته.


صعوبة المناهج

وأضافت ميرفت محمد، مدرس الرياضيات، أنه يلجأ العديد من الأهالي للدروس الخصوصية؛ بسبب صعوبة المنهج الذي يعتمد على الحفظ والاسترجاع لا على الفهم، ووقت التحصيل العلمي ضيق جداً، مما أدى إلى ضغط المنهج في مدة أقل، وفي بعض الأوقات يكون اللجوء لهذه الدروس أحد أسباب الأسرة نفسها، لانشغالهم عن متابعة تحصيل ودراسة الطالب في المنزل. 

 أشار مدحت لطفي، مدرس اللغة العربية، أن الدروس الخصوصية تساعد على تحسين أداء الطلاب الدراسي بشكل كبير، حيث يتمكن الطلاب من فهم المفاهيم بشكل أفضل والتغلب على الصعوبات التي يواجهها في المواد الدراسية، يتمكنون من الحصول على إجابات لأسئلتهم على الفور، وبالتالي يتمكنون من التقدم بشكل أسرع في الدراسة

أضاف " لطفى" أن الطلاب يحصلون على اهتمام فردي خلال الدروس الخصوصية، مما يساعدهم على التركيز بشكل أفضل، وفهم المواد بشكل أعمق، ويتم تكييف الدروس لتناسب احتياجات كل طالب، وبعض المعلمين لا يقدمون كامل طاقتهم داخل الحصة الدراسية، لاعتمادهم على العمل بالدروس الخصوصية، والسبب في هذا هو ضعف رواتب المدرسين واحتياجاتهم المادية والحياتية، كما أن هذه الدروس عبء على أولياء الأمور لا يُستهان به. 

 ذكر فريد مبروك، مدرس اللغة الانجليزية، أن دروس التعليم الخصوصية تمثل بيئة فريدة حيث يمكن للمعلم أن يركز بشكل مباشر على احتياجات وقدرات الطالب يمكنه تقديم المساعدة والدعم في المواضيع التي يجد الطالب صعوبة في فهمها، مُضيفًا أن الطلاب يستفيدون من الدروس الخصوصية من خلال التقدم السريع في مستواهم الدراسي. 

أوضح مدرس اللغة الإنجليزية، أنه يمكن للمعلمين التركيز على نقاط الضعف لدى الطلاب، ومساعدتهم على التغلب عليها، والتحكم في وتيرة التعلم والتقدم بمعدل يناسبهم الدروس الخصوصية، تساعد في بناء الثقة لدى الطلاب عندما يتمكن الطلاب من فهم المفاهيم بشكل أفضل، وتحقيق تقدم في الدراسة، فإنهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم، وهذا يزيد من ثقتهم بأنفسهم.


الرضا الوظيفي

قال الدكتور جمال الزيني رئيس مجلس أمناء اللغات التجريبية بدمياط وعضو مجلس الشعب الأسبق، إن ظاهرة الدروس الخصوصية بدأت مع ضعف الجهد المبذول من المعلم في المدرسة مع طلابه، وعدم اكتفاء الطالب بشرحه، أي نقص الرعاية التربوية والعلمية من المعلمين لطلابهم داخل الفصل، مما أدى إلى بحث أولياء الأمور عن مصدر آخر لتقوية أبنائهم في التعليم، فلجأوا إلى إعطاء أبنائهم دروسا خاصة خارج المدرسة بمبالغ مالية من أجل توفير الشرح الكافي لأبنائهم، والارتقاء بعقولهم.

وأوضح أن السبب الرئيسي في إهمال المعلم لعمله داخل الفصل هو سوء أحواله الوظيفية والمعيشية، وعدم تغطية الأجر الشهري الذي يتقاضاه من المدرسة لاحتياجاته المعيشية، وعدم الرضا الوظيفي عن المناخ العام في المدرسة  ،وظروف العمل المادية، مما يؤثر سلبا على طريقة أدائه لعمله، ويؤدي إلى تقصيره فيه، وإصابته بضغوط نفسية، وإهمال طلابه علميا، كنتيجة لعدم تقديره واحترام مكانته حق تقدير.


وتابع أنه من الآثار السلبية لهذه الظاهرة هي انقطاع الاتصال بين الطالب وزملائه داخل الفصل المدرسي، وبناء سور العزلة بينه وبين فكرة المدرسة ومعلمي الفصل، وإيجاد بديل آخر لتلقي العلم خارج الإطار الرسمي والحكومي والمؤسسة الآمنة على الطلاب، وهي المدرسة التي تضمن سلامتهم داخل أسوارها، مع العلم أن هذا البديل الآخر غير مضمون من حيث ثقة أولياء الأمور فيه وتأمينهم له على أبنائهم، أو مدى دقة المعلومات والعلم الذي ينقلونه إلى الطلاب، بسبب اختلاف مدى خبرة مدرسي الدروس الخصوصية، وأيضا الابتعاد عن عالم المدرسة والتفاعل والأنشطة يقلل من قدرات الطالب الإبداعية والعقلية، مشيرا أيضا إلى أن زيادة العبء المادي على الأهالي والمبالغ المالية الذي يدفعونها كل شهر، من النتائج السلبية الناجمة عن الدروس الخصوصية.

وأضاف أنه يرى من المقترحات الفعالة لمعالجة هذه الظاهرة، أن يعطي ولي الأمر نصف ما يدفعه لأبنائه في الدروس الخصوصية كل شهر إلى المدرسة لزيادة الأجر الشهري للمعلم، وبذلك يستعيد المعلم مكانته واستقراره المعيشي، مما يسهم في تحسين جودة عمله في الفصل مع طلابه، وبذل أقصى جهوده لتعليم لطلابه وتوصيل المعلومة بأحسن صورة، ومساعدة الطلاب على التفاعل والإبداع داخل المدرسة، وتنمية قدراتهم ومهاراتهم وحثهم على حب المدرسة وتلقي التعليم فيها، وذلك سيحمي أولياء الأمور والطلاب من الاستغلال، وسيعفي رب الأسرة من أعباء مالية كبيرة، ومع مرور الوقت ستقل تدريجيا الحاجة للدروس الخصوصية خارج الإطار المدرسي، وسوف يستغني الطلاب عن أي شرح إضافي خارج جدران الفصل، بعدما ينجح المعلم داخل الفصل في أن يجعل طلابه يشعرون بالاكتفاء العقلي والعلمي، مما ينتج عنه نجاحهم وتفوقهم في حياتهم الدراسية، وحصولهم على أعلى النتائج العلمية.


خلل المنظومة

قال الأستاذ عصام عزمي الماشطة، مدير إدارة محكمة دمياط الابتدائية الأسبق، إن موضوع الدروس الخصوصية لا يجب النظر إليه من جانب واحد حتي لا نظلم أحد أطرافه، فمنظومة التعليم بها خلل واضح من عدة جوانب ومنها كثافة الفصول الرهيبة، وعدم انتظام العملية التعليمية، وعدم انتظام الحضور والغياب بالنسبة للطلبة والمدرسين على حد سواء، وعدم وجود الوسائل التعليمية وعدم كفاءة المعامل وقاعات التدريب، وعدم التأهيل التربوي والعلمي للقائمين علي العملية التعليمية، وعدم انتظام توزيع الكتب المدرسية وعدم استيفاء كتب الوزارة للموضوع من حيث المحتوي والمستوى والشرح والتوضيح، ورغبة أولياء الأمور في رفع الكفاءة والمستوى العلمي المؤهل لأبنائهم بما يتناسب مع أقرانهم في مدارس اللغات أو الانترناشيونال، وعدم اهتمام مدرس الفصل بالشرح للطلاب إن حضروا في الفصل، والتسيب والإهمال الذي أصاب المدارس الحكومية، وامتد أيضا إلى المدارس الخاصة، وذلك لانهيار منظومة القيم والمبادئ العامة في المجتمع ككل، كل ذلك أدى إلى ظهور الدروس الخصوصية، ومن ثَمّ انتشارها وسيطرتها علي العملية التعليمية بما يصعب منعها أو السيطرة عليها دون علاج الأسباب المؤدية إليها.

وأوضح أنه لحل هذه المشكلة يجب أن تعود التسمية الأساسية للوزارة كما كانت (وزارة التربية والتعليم ) قولا وفعلا، وعودة الانضباط للطلاب والمدرسين بدءا من طابور الصباح وتحية العلم بشكل دائم ومستمر، وتكليف متخصصين من غير أصحاب السبوبة والمنتفعين لوضع مناهج تعليمية تتوافق مع المرحلة التعليمية وتنسجم مع الواقع الخارجي(تطوير المحتوي العلمي)، ورفع المستوي العلمي والمهني للمدرسين، وتأهيلهم من خلال دورات تدريبية في الكليات المتخصصة، والاهتمام بالمستوى المادي والمقابل الذي يضمن حياة كريمة للمعلم، وتوجيه المخصصات المالية المقررة من الموازنة العامة، توجيها رشيدا لرفع مستوي الكتاب والفصل والفناء والمنشأة التعليمية ككل، وعودة الأنشطة المدرسية الفنية والرياضية والثقافية كما كانت فيما قبل، وعودة دورات أوائل الطلبة والزام الإدارات التعليمية بها بشكل دوري ومستمر لما لها من عامل محفز للاجتهاد والتنافس بين الطلاب بما يخلق حالة رائعة من الإجادة والتحصيل المرتفع.


الطالب أمانة

قال الأستاذ خالد مرتضى أبو الدهب  مدير مدرسة الإعدادية القديمة بنات بالمراغة بمحافظة سوهاج: إن ظاهرة الدروس الخصوصية ترجع بالأساس إلى عدم اهتمام المعلمين بالشرح داخل فصول المدارس، مما يعطي الفرصة لأصحاب التخصص من عدمه بفتح أبواب الدروس الخصوصية كمهنة ومجال للربح، خاصة إن مدرسي المدرسة أنفسهم يعملون معظمهم في الدروس الخصوصية بجانب مهنتهم الأساسية في المدرسة لتحسين أحوالهم المعيشية، مما يجعلهم يقصرون في عملهم في الفصول في مقابل تكريس وقت وجهد أكبر للدروس الخصوصية، ؛ وذلك لأن الراتب الشهري الذي يقبضونه من المدرسة قليل جدا مقارنة بمكاسبهم وأرباحهم الهائلة من الدروس الخصوصية.

وأوضح بأن القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية يتطلب من الحكومة رفع راتب المعلم قبل أي شيء كي يهتم بعمله داخل المدرسة، ويبذل قصارى جهده داخل الفصول، ويغطي احتياجاته المعيشية، فلا يضطر لأن يلجأ للدروس الخصوصية، ولا يعطي الفرصة للطلاب بألّا يكتفون من الشرح في المدرسة فيذهبون لأخذ الدروس الخصوصية، فتصبح الظاهرة أكثر انتشارا، ويختفي دور المدرسة تقريبا وهذه كارثة كبرى، لأن المدرسة هي من مؤسسات التنشئة الاجتماعية الرسمية والموثوقة والتي تؤتمن على نفس الطالب وعقله، فعندما يختفي دورها هذا يعني فتح الباب لاستغلال الطلاب ماديا من قبل أناس يعملون في مجال الدروس دون خبرة كافية، مع العلم فإن هناك مدرسين أكفاء تعطي دروسا خصوصية، ولكن يجب إغلاق الباب بشكل عادل ونهائي على حد سواء دون محاباة لأحد.


قوانين رادعة

وتابع إنه يجب القضاء على الظاهرة من جذورها بمعالجة أسبابها أولا ثم فرض لوائح وقوانين تجرم الدروس الخصوصية، وتعاقِب من يتخذها مجالا للربح، لأن المعلم إذا توفر لديه كل متطلبات المعيشة بشكل مرضي وعادل، فلن يعود هناك مبررا له لاستغلال الطلاب وزيادة العبء المالي على أسرهم، فبناء على ذلك سيكون عقابه مشروعا وعادلا، ويجب على الحكومة أن تشكل لجان متابعة حقيقية وفعالة لمراقبة أداء المعلمين داخل فصول المدارس، وإنذار المقصرين وحثهم على الاهتمام بعملهم، للحد من هذه الظاهرة، مع نزول حملات بشكل مستمر لإغلاق كل الأماكن المخصصة للدروس الخصوصية وتغريم أصحابها، مما يجعلهم يتوقفون عنها، وأيضا تشجيع المعلم بمكافآت رمزية وتكريمات مستمرة على إنجازاته وضميره داخل الفصل وإخلاصه في عمله أمر هام جدا يجب تنفيذه من قبل الدولة ونشره في مؤسسات مصر التعليمية، هذا يشعره بالرضا عن عمله ويجعله يبذل جهود أكبر مع طلابه.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان آخر الموضوع

Back to top button