وصف المدون

أسوار ... بإيديك الإختيار تسعى هذه المدونة لوضع جسور تتخطى الحواجز المجتمعية والنفسية بين الإنسان وما يدور حوله وهذا هو هدفنا الأول

خبر عاجل

تجمعهما روابط تاريخية وطبيعية.. جهود مصرية لتهدئة الأوضاع في السودان

إعلان الرئيسية


الاحتضان سور يحيط باليتامى من قسوة المجتمع
أمهات محتضنات في مواجهة ردود أفعال قاسية

 


 

كتبت: دعاء سيد، سمية أسامة، منة الله أحمد


هناك عدة معتقدات خاطئة تخص الأطفال اليتامى، أو المتعرضين للعنف بكافة أشكاله وكأنهم مواطنين ليس لهم الأحقية في عيش حياة مرفهة وحقيقية، فلا يزال المجتمع ينظر للأطفال المكفولين نظرة قاسية دون شفقة، حتى وإن أظهر الناس غير ذلك، ولكن تظل فكرة أنهم تربوا في دار أيتام أو ملجأ، مرسخة في داخلهم، وكأنها وصمة عار ستظل تلاحقهم طوال حياتهم.

ولكن خلال السنوات الأخيرة، شاهدنا محاولات كثيرة لهدم تلك الأسوار التي خلقها المجتمع تجاههم، ومنها نموذج مشرف للملاجئ والتي كانت تشكل وصمة عار وظلم كبير لما بداخلها وملجأ الحمل الصغير قرر كسر تلك الأسوار، حيث قررت السيدة ميرا رياض ومعها صديقتها مارينا رينا أن يغيروا أكثر من حياة 100 طفل في ملجأ الحمل الصغير عن طريق استخدام الأم البديلة والكثير من المتطوعين المؤهلين بتدريبات متخصصة في التربية الإيجابية والنفسية، في تقديم كامل المساعدة لتلك الأطفال من تعليم ورعاية ودراسة وتنمية مهارات وتقديم لهم الحب، وإلحاقهم بمدارس دولية متخصصة ودروس مزيكا وأنشطة رياضية مختلفة، تم تأسيس ملجأ الحمل الصغير تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي، ومكانه بمدينة العبور، حيث قررت ميرا أن الأطفال لن يكونوا مرغمين على أن يتركوا الملجأ في سن ال 18 سنة، كما هناك توسعات ضخمة يمر بها الملجأ حتى يتسع ل 300 طفل يتعرض للعنف او لليتم.


كفالة واحتضان

ومن المؤكد أن كفالة اليتيم من الأمور التي حث عليها الشرع، وجعل الله سبحانه وتعالى الجنة جزاء العطف على اليتيم وجبر خاطره، وفِي الحديث: «اليتيم إذا بكى اهتز له العرش.. فيقول الله عز وجل: من أبكى اليتيم الذي غيبت أباه؟ قالوا: أنت العليم الحكيم. قال: يا ملائكتي مَنْ سَكَّتَهُ بِرِضَاهُ أعطيته من الجنة حتى رِضَاهُ»، والقائم بالإنفاق على اليتيم أو المسؤول عن تربيته وعده رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم بالمقام الأسمى يوم القيامة بمرافقته في جنات النعيم.

 وفي ضوء ذلك، يروى راضي محمد، صاحب دار النور المحمدي بشبرا مصر، عن تجربته في إقامة دار أيتام يحتوي العشرات من الأطفال مجهولين الهوية، فقال "راضي": أنه يصبح من أسعد الناس على وجه الأرض عندما يلتفت حواليه الأطفال يمرحون ويلعبون، أيضا عندما يراهم يكبروا أمام عينه فيكون ذلك بالنسبة له إنجاز كبير ومفرح للغاية، كما وضح لنا الاستاذ راضي شروطاً للتبني العدل، الإحسان، وتجنب الظلم، فاليتيم هو الذي فقد والده في صغره، فيظل هذا الطفل في حكم اليتيم إلى أن يبلغ أشده، ويبلغ سن الرشد.

وأضاف راضي أنه يقيم حفلات أعياد الميلاد للأطفال ويعاملهم كأنهم أطفاله تماما، وقال إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا أن خير البيوت هو الذي يكرم فيه اليتيم، ويحتويه رحمة وشفقة به، فقال: «خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحسن إليه» وأضاف أنه لو في وسعه أنه يجمع جميع أطفال العالم الذين بغير عائلة لفعل ذلك ولن يتأخر أبداً.

 

حكايات من الواقع

في سياق متصل، قصت علينا السيدة أ. م رحلتها عن احتضانها لطفلة صاحبة الأسبوع، السيدة أ. م متزوجة من ٢٥ سنة و تعاني من مشاكل عدة في الرحم مما جعل فرصة الإنجاب لديها ضئيلة، وهذا الذي دفعها للتبني قالت: "حسيت أن ربنا اختارني إني أعمل كده و انا مبسوطة اوي بانه اختصني أنا"، أضافت السيدة أنها تشاورت مع زوجها بأنهم يكفلوا طفل يتيم، في بداية الأمر رفض الزوج خوفاً من المسؤولية الكبيرة و لكن بعد إلحاح من الزوجة وافق و بالفعل ذهبوا إلى جميعة الأورمان و لكن عند وصولهم عرضت السيدة على زوجها أن يأخذوا الطفلة معهم و يقوموا بتربيتها في المنزل، ولكن لم تتوقع أبدا رد فعل الزوج أنه بادر بالموافقة و حاذ الاقتراح القبول، أكملت السيدة أنهم تبنوا الطفلة منذ أن كانت رضيعة حتى الآن و هي تبلغ من العمر ٧ سنوات تعيش معهم كما تكون ابنتها بالفعل، موضحة أنها لم تشعر يوماً اتجاه الطفلة سوا شعور الأمومة والحب شاكرة الله بأن وهبها تلك الفرصة لعيش مثل هذه التجربة.




إجراءات معقدة

 "انا نفسي من فترة طويلة اتكفل بطفلة".. هكذا حدثنا حسام الدين أحمد، مبرمج في احدى الشركات التقنية عن تجربته في احتضان طفلة، كانت فكرة الكفالة تروقه منذ وقت طويل بالرغم من إنجابه لولدين بالفعل بين الابتدائية والاعدادية، وضح حسام انه اعتبره كهدف سامي في الحياة مختلف عن باقي الناس، وفي نفس الوقت تحقيق لأجر كبير إسناداً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، "انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" ولكن لم يظن أنه متواجد في مصر، حتى بحثت زوجته عن الموضوع بشكل أكبر ووجدت إمكانية فعلية لكفالة واحتضان الأطفال، فمضوا في الإجراءات الي أن أكرمهم الله بالطفلة "حور" واجهه بعض الصعوبات من جهة الأوراق والمستندات ومن جهة إقناع الأهل المقربين، ومع ظنه أن الإجراءات الشديدة سلبية، لكنه بدل رأيه لما علم أن بعض الأفراد يعيدون الأطفال المحتضنين للملاجئ حتى بعد سنين، ولذا من الواجب وقتها زيادة الحرص في الإجراءات لضمان عدم حدوث ذلك، بالإضافة لحماية الأطفال من الضرر النفسي والجسدي.


رد فعل المجتمع

 وأكمل حديثه مؤكدًا أن ردة فعل المجتمع قد تكون صعبة بالأخص من المقربين، لكن بالنسبة له كان الموضوع بمثابة تحدي مستعد لخوضه، وتغيرت حياة أسرة حسام بعد الاحتضان بشكل كبير، فزالت منها الرتابة والملل، وتحسنت صحتهم النفسية، وختم بأنه رغم جمال الاحتضان إلا أنه قد لا يناسب الكل لذا وجب اولاً التأكد من القرار حتى لا تحدث عواقب في النهاية، وهو سعيد من الوضع الحالي لأسرته.

وفي النهاية، يجب أن نعلم أن من يتعرض لليتم أو العنف بشتى أنواعه هو مجرد طفل حكمت عليه الحياة أن يكون بلا مأوى ويجب كل منا أن تتغير تلك النظرة مليئة بالشفقة اتجاهه وتحولها إلى نظرة مليئة بالحب والاحتضان لخلق مجتمع واعٍ وعلى دراية كاملة بأن كل منا له رسالته ودوره اين كان اختلاف ظروف نشأته أو خلفيته الاجتماعية، وكل تلك الأسوار يجب أن يكون مصيرها الهدم وبناء حياة عادلة كريمة لهؤلاء الأطفال.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان آخر الموضوع

Back to top button