وصف المدون

أسوار ... بإيديك الإختيار تسعى هذه المدونة لوضع جسور تتخطى الحواجز المجتمعية والنفسية بين الإنسان وما يدور حوله وهذا هو هدفنا الأول

خبر عاجل

تجمعهما روابط تاريخية وطبيعية.. جهود مصرية لتهدئة الأوضاع في السودان

إعلان الرئيسية

 

هل من حق الأب والأم مراقبة أبنائهم والتجسس على هواتفهم؟
التكنولوجيا تثير المخاوف حول خصوصية الأبناء


كتبت: سمية أسامة


الخصوصية مفهوم واسع ومعنى يجسد أحد مقومات حقوق الإنسان، فالخصوصية قدرة الفرد أو الأشخاص على عزل أنفسهم أو معلومات عنهم، والتعبير بطريقة انتقائية ومختارة، وعندما يأتي الأمر عند مناقشة مدى توافر مساحة للخصوصية بين الأبناء وأباءهم خاصة في أخطر فترات حياتهم مع نهاية الطفولة وبدايات سن المراهقة، قد تكون هناك حسابات خاصة تحكم رؤى وتجارب كل أسرة على حدة، حيث قد تثور مخاوف الأهل من أن منح الخصوصية لأبنائهم قد يؤدي بالضرورة إلى تراجع دورهم الرقابي على سلوكيات صغارهم، ما قد يعرضهم للمشاكل خاصة في ظل تزايد دور العالم الافتراضي الذي يفترس أوقاتهم ويشغل تفكيرهم ولا يعترف على الإطلاق بمبدأ الخصوصية بل يزيد حس الفضول والرغبة في الانتشار والتواصل مع الغرباء عند الأبناء، وتزداد وطأة المشكلة عندما يواجه الأهل إلحاح أبنائهم في طلب الخصوصية، والتوقف عن البوح بالكثير من أخبارهم وأسرارهم للأهل بحجة حقهم بالخصوصية.

 

ففي هذا التحقيق نسعى إلى التعرف على مفهوم الخصوصية وأشكالها وتجارب الأهل في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة الاجتماعية.

عبرت لنا نور أحمد، مهندسة وأم لثلاثة أطفال، أنها تؤمن تماماً بحق أبنائها في التمتع بخصوصيتهم، لأنهم إذا شعروا باحترام الأهل لخصوصيتهم سيحترمون هم أيضاً بالتبعية خصوصية واحترام مشاعر الآخرين ومراعاة احتياجاتهم، لكن إذا تم تجاهل هذه الحاجة لدى الأبناء والضغط عليهم لسلبهم هذا الحق، أتصور أن هذا السلوك يؤدي إلى تعكير صفو العلاقات، وفي تجربتي مع أبنائي الصبيان طبقت هذا الأسلوب منذ طفولتهم، وعودتهم أن أطرق باب غرفتهم لأستأذن قبل الدخول، وأن أسألهم إذا كان يمكنني استخدام هواتفهم المحمولة، لأي سبب وانتقل هذا الأسلوب ليتم تطبيقه بينهم أيضاً فنما بداخلهم احترام ملكية وخصوصية مقتنيات كل فرد من أفراد الأسرة، وأعتقد أن هذا السلوك لم يقلل من قدرتي على التقارب معهم، ومعرفة تفاصيل حياتهم واهتماماتهم من دون إجبارهم على إخباري، حيث ينجح هذا الأسلوب في بناء جسور من الثقة بيننا، تمنحهم مساحة وراحة في التعبير عن مشاعرهم ومشاركتي في كل مجريات حياتهم، حيث نجحنا في الفصل بين مفهوم احترام الخصوصية وسرية المعلومات بيننا، ورغم أنهم أصبحوا في المرحلة الجامعية إلا أن علاقتي بهم ما زالت وثيقة ومع أصحابهم وزملائهم من الصبيان والفتيات أيضاً.

 

و أضافت حنان محمود، موظفة بمستشفى دار الفؤاد، أنها تختلف مع الرأي السابق فتقول: " في رأيي لا يجب أن يبد الأهل في تدريب أبنائهم على الحصول على مساحة من الخصوصية في وقت مبكر، يعني للأبناء دون سن العاشرة، ففي هذه الحالة ستكون هناك مساحة من البعد بين الطفل والأهل خاصة الأم التي تشارك الطفل معظم أوقاته وأنشطته اليومية وهي بالطبع تعلم كل أخباره وعلاقاته بالمدرسة، فهذا الأمر خطر وغير منطقي برأيي، خاصة في وجود "السوشيال ميديا" وهي اللص الذي يسرق وقت واهتمام أطفالنا، لذلك فمنح الأطفال خصوصية ومساحة بعيدة عن الأهل معناه أن نفرغ هذه المساحة ليحتلها الخطر الأكبر وهو مواقع التواصل الاجتماعي الذي ينتهك خصوصية الأبناء على نحو أخطر بكثير مما يمكن أن تفعله الأم أو الوالدان، وفي رأيي فإن منح الخصوصية للأبناء في سن مبكرة في ظل التكنولوجيا واختراق المعلومات، يشكل خطراً داهماً على سلامتهم النفسية والبدنية بينما وجود الأهل بالقرب من الأبناء والإشراف على تصرفاتهم وسلوكهم ومعرفة كيفية تمضية وقت فراغهم، بما في ذلك فتح غرفهم أو هواتفهم في أي وقت، هي أمور ضرورية، حيث يشعر الأطفال أن هناك رقيباً عليهم وأن الالتزام بتقاليد الأسرة ومواعيد الدراسة وغيرها، هي أمور ملزمة وليست اختيارية، ولذلك أعتقد أن مفهوم الخصوصية بهذه الطريقة لا يجب تطبيقه أبداً على الأبناء وخاصة في سن الطفولة".

 

و أشارت رانيا محمد، ربة منزل، أنها من خلال تجربتها في تنشئة فتاتين وشاب في مراحل الدراسة المختلفة من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب، فالأمر يتوقف على شخصية الطفل، فهناك أبناء يحرصون على الحصول على حق الخصوصية منذ نعومة أظفارهم ويكون الطفل خجولاً منطوياً ويفضل الهدوء والبقاء وحيداً لفترات، مثلما كانت ابنتي الكبرى التي كانت تنزعج كثيراً إذا اقتحم أحد خصوصيتها أو فتح حقيبتها أو عبث بأشيائها، بينما أخوتها لا يجدون أي إزعاج في أن أدخل إلى غرفهم في أي وقت، وأن أرتب أشياءهم بنفسي وأحياناً تقوم ابنتي الصغرى (13 عاماً) بالإلحاح عليّ للخروج معها بصحبة صديقاتها وحضور بعض الأفلام مثلاً فهي تعتبرني صديقتها المقربة، كما تردد على مسامعي دائماً، ولهذا لا تطالبني بأي مساحة من الخصوصية بل على العكس تأتي إلى بمفردها أحياناً لتروي لي ما حدث معها خلال يومها من نجاحات أو إخفاقات خلال يومها الدراسي، ونفس الشيء مع ابني الأوسط (16 عاماً) ورغم أن هذه السن الشباب فيها أكثر تحفظاً إلا أنه مازال منفتحاً معي.

 

وقال جلال إبراهيم، موظف بشركة المياه، و أب ل3 أبناء، أن الموضوع يتوقف على أفكار الأهل وأسلوب تنشئتهم ومدى انفتاحهم على الثقافات المختلفة، فكلما كان الأب أو الأم أكثر انفتاحاً وله خبرات في العيش في دول مختلفة وتمتع بعادات وتقاليد مختلفة عن مجتمعاتنا سيكون لديه مخزون من الثراء الثقافي والمعرفي الذي يجعله أكثر قبولاً بالأفكار المختلفة وقد يتمتع بآليات تدعمه في إنشاء علاقة سليمة مع الأبناء تجمع بين المسؤولية والحرية والارتباط والخصوصية.

 

وقالت نجلاء محمد، أخصائية علم نفس، أن احترام الخصوصية من قبل الوالدين لأبنائهم هي متطلب اساسي في التربية، فهذا حق من حقوق ابنائنا وواجب علينا احترام خصوصياتهم خاصة في سن المراهقة فهذا العمر يكون فيه الاطفال اكثر رغبة في الاستقلالية وتجربة اشياء جديدة وعلى الأم والأب أن يكونوا متفهمين بهذه المرحلة ويعطوا الطفل مساحته الشخصية طبعًا مع مراعاة الرقابة التربوية، لأن التدخل في ادنى خصوصياتهم من شأنه ان يشعرهم بالاستياء وعدم الثقة بهم وبقرارتهم، في إمكان الأُم إظهار احترامها لطفلها المراهق بطُرق مختلفة. منها على سبيل المثال أن تقاوم رغبتها في معرفة تفاصيل حياته الاجتماعية، أو مناقشته في حقه في قرع باب غرفته قبل أن تدخلها، ومنها أيضاً الوضوح في علاقاتها به، والحرص على مشاركته حياته إلى حد عدم التعدي على استقلاليته والسماح له بتطوير نفسه بنفسه، والانتباه إلى الطريقة التي تتحدث بها وإلى نبرة صوتها. لأنّ للكلمات التي تختارها الأُم في بعض الأحيان للتعبير عن وجهة نظرها تأثيراً أكبر من وجهة النظر نفسها.

وختامًا، نمو الطفل والانتقال إلى مرحلة المراهقة، ينمو معه الشعور بالاستقلال. وعلى الرغم من عدم استطاعة الأُم إعطاء طفلها الحرية التامة، مُفترضة أنّه أصبح في عمر يمكنه من قيادة حياته من دون أي تدخل من جانبها، من غير الضروري أيضاً رصد كلّ حركة من حركاته لان هذا من شانه ان يوقع كلا لطرفين بمشاكل عدة.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أول الموضوع

إعلان وسط الموضوع

إعلان آخر الموضوع

Back to top button