الشيخ أحمد
كريمة: زواج القاصرات حرام شرعًا ومخالف للقانون
أستاذ نساء
وتوليد بالقصر العيني محذرا:
لا يكتمل نمو الفتاة لتصبح قادرة على الحمل إلا
بعد 18 عاما
كتبت/ أسماء عزت وسارة سلطان وسمية أسامة
تتحمل
بعض الفتيات الصغيرة أعباء لا قدرة لهن عليها، ولا تستوعبن دورًا فرض عليهن، فزواج
القاصرات اغتصاب بحق الطفولة، واعتداء على الكرامة الإنسانية، وهو جريمة مكتملة
الأركان لما يخلفه من آثار نفسية وجسدية على طفلة مازالت تحتاج من يرعاها لا من ترعاه.
انتشر
زواج القاصرات في كثير من القرى والبلدان المختلفة، وتعتبر المحافظات الخمس الأعلى
فى تفشى ظاهرة زواج القاصرات: البحيرة، الفيوم، الدقهلية، الجيزة، الشرقية، حيث
بلغ إجمالي حالات الزواج المبكر فى تلك المحافظات 53.8 ألف حالة من جملة الحالات في
مصر، وذلك حسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة
والإحصاء.
يرجع
انتشار ظاهرة زواج القاصرات في هذه المحافظات إلى عدة أسباب منها الخوف والفقر
والهروب من الضغوط الإجتماعية التى تدفع الآباء إلى ذلك، وأيضًا الصفقات على الأراضي
أو من أجل تسوية المنازعات بين الأهالي من أجل الروابط الأسرية التى يكون فيها
الزواج أداة لتوطيد العلاقات بين الأسر المختلفة، أيضًا الثقافة والفكر السائد في
بعض القرى؛ فهناك بعض المناطق التي يوجد بها بعض العادات الغريبة مثل كلما كانت
العروسة صغيرة كلما زاد مهر هذه الفتاة وغيرها من العوامل المختلفة التي تدفع
الآباء لتزويج فتياتهم دون السن وإجبارهم على هذه الحياة الصعبة.
زواج القاصرات سرقة للطفولة
قالت
رانيا إبراهيم، ربة منزل أنها تزوجت وهي فى الثالثة عشر من عمرها من رجل يكبر عنها
بعشرة أعوام، وكانت لا تملك إلا غرفة للمعيشة الخاصة بها في بيت عيلة يوجد به اثنى
عشر شخصًا غيرها، التى أوضحت أنها عانت في البداية بشكل شديد نتيجة المهام الكثيرة
التي كانت تقوم بها في المنزل هى ووالدة زوجها والتى كانت لا تستطيع تحملها فى بعض
الأحيان فكثيرًا ما كانت تبحث وتشعر بالتشتت فى وسط هذه الاجواء التى أكبر من
سنها، وشعرت بأنها غير حاصلة على طفولة جيدة مثل باقى الفتيات من عمرها، والتعرض لألآم
نفسية وجسدية نتيجة لما تعرضت له.
أوضحت
الشابة حنين عطية، يحرم زواج الأطفال الفتيات من طفولتهن ويهدد حياتهن وصحتهن،
البنات اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 سنة أكثر عرضة للعنف المنزلي ويقل احتمال
بقائهن في المدرسة، كما يعانين من مشاكل اقتصادية وصحية أسوأ من أقرانهن غير
المتزوجات، وتنتقل في النهاية إلى أطفالهن وتزيد من الضغط على قدرة البلد على
توفير خدمات صحية وتعليمية جيدة.
زواج القاصرات بين التجريم والإباحة
قال الشيخ
أحمد كريمة إن زواج القاصرات حرام شرعًا، كما أنه مخالف للقانون، لأنه يؤدي إلى الكثير
من المفاسد والأضرار في المجتمع، ولفتت إلى أنه بالنظر إلى مقاصد الشريعة الإسلامية
والحكمة من الزواج، يتبين لنا أن ما يقدم عليه البعض من تزويج البنات القاصرات هو عمل
منافٍ لهذه المقاصد وتلك الحكمة، ويمثل جريمة في حقهن، لعدم قدرة الفتاة القاصر على
تحمل مسؤولية الحياة الزوجية والقيام بالأعباء المادية والمعنوية اللازمة لاستمرارها،
مما ينتج عنه الكثير من الأضرار والمفاسد التي تؤدي لفشل هذه الزيجات وانتشار حالات
الطلاق المبكر.
وأشار
الدكتور أحمد كريمة إلي أن: دَفع المفاسِد مُقدَّمٌ على جلبِ المصالِح، فالأم عماد
الأسرة يجب أن يكون لديها ثقافات متعددة, فكيف للقاصر أن تربي جيلا وتقوم بأعباء أسرة
وأمثالها يلعبون في الطرقات, مؤكدًا علي ضرورة الالتزام بالسن القانوني للزواج حتي
يتكون لديها الإدراك والوعي بالمسئولية التي ستلقي على عاتقها، وتستطيع تربية أبنائها
تربية صحيحة.
مخاطر جسدية عن زواج القاصرات
قال خالد
عبد العزيز السطوحي أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية طب القصر العيني، إن المخاطر
الصحية التي قد تترتب على الحمل المبكر الذي ينتج عنه الزواج المبكر يحدث عنها الكثير
من المخاطر على صحة الأم والجنين ومن الممكن أن تتسبب في وفاة الفتاة، مضيفًا أنه لا
يكتمل نمو الفتاة إلا بعد بلوغها سن الــ 18سنة، فبعد هذا العمر تكون الأم مهيأة جسميًا
ونفسيًا لتحمل الولادة والرضاعة، لأن السن المناسب للحمل ما بين 20-35 عامًا.
واستطرد
الدكتور خالد عبد العزيز السطوحي، أن البنات اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 سنة أكثر
عرضة للعنف المنزلي ويقل احتمال بقائهن في المدرسة، وتخطي مرحلة مهمة من مراحل الحياة،
وهي مرحلة المراهقة.
وأضاف
أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية طب القصر العيني، أن أكثر حالات الوفيات التي تحدث
أثناء الولادة هي بين النساء صغيرات السن اللواتي تزوجن في سن مبكرة، مما يؤثر على
عملية الحمل وعلى المرأة نفسها والجنين، مستكملًا أن الحمل في سن صغير يعرض الأم لارتفاع
ضغط الدم أثناء الحمل، ثم تسمم الحمل، مما يؤثر بشكل كبير على صحة الأم والجنين، لأن
ارتفاع ضغط الدم يسبب اختلال في جميع أعضاء الجسم، منها الكلى والكبد والدم، ونقص بالصفائح
الدموية، ومنها يحدث اختلال في الجهاز العصبي،
وأكد الدكتور خالد عبد العزيز السطوحي، أنه بسبب صغر سن الأم تحتاج إلى متابعة
مستمرة ومراقبة بشكل صحيح حتى لا تحدث أية مضاعفات، مشيرا إلي أن الحمل في سن صغير
يعرضهن إلي فقر الدم والإجهاض حيث تزداد معدلات الإجهاض والولادات المبكرة وذلك أما
لخلل في الهرمونات الأنثوية أو لعدم تأقلم الرحم على عملية حدوث الحمل ما يؤدي إلى
حدوث انقباضات رحمية متكررة تؤدي لحدوث نزيف مهبلي والولادة المبكرة.
زواج القاصرات بين سندان الواقع ومطرقة القانون
الدكتور
وائل نجم المحامي بالنقض والمتخصص في الشأن الأسري، وسكرتير عام مفوضية الأمم المتحدة،
"إنه إذا كنا لا نستطيع معاقبة الأطفال على جرائم تحت سن 18 سنة ولا يستطيعون
إجراء تعاقدات مالية فالأولى ألا يكون هناك زواج قبل 18 سنة".. مضيفا أنه بالنظر
في النصوص القانونية الخاصة بالزواج نجد أن القانون رقم 143 لسنة 1994 الخاص بالأحوال
المدنية والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 نص على أن ألا يجوز توثيق عقد زواج لمن
لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية، أي يمنع الزواج لمن هو دون الـ18 عاماً لكن لم
يضع القانون عقوبات لمن خالف ذلك.
واستطرد
المحامي بالنقض والمتخصص في الشأن الأسري، وسكرتير عام مفوضية الأمم المتحدة، أن زواج
الأطفال يعد أحد أهم أسباب الزيادة السكانية في مصر وينتج عنها المشكلات عمالة الأطفال
والتسرب من التعليم وزواج الأطفال، وكذلك التصدي لظاهرة تندرج ضمن الاتجار في البشر،
مستكملا أن الطفل له حقوق مقررة في المواثيق الدولية والدستور ولا يصح أن تهدم حقوقه
لمجرد بلوغه الجسدي والطفلة التي تتزوج تحت 18 سنة تربى أطفال وتحرم من حقوقها في التعليم
وغيرها من الحقوق.
وضح الأستاذ محمد أحمد الأبيض المحامى بالنقض والإدارية العليا أن المادة 227، فقرة 1 من قانون العقوبات، نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج، أقوالا يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقا كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق.
وتشدد
العقوبة بالسجن على المأذونين في قانون العقوبات، ويتم معاقبتهم على أساس كونها جناية؛
ويمكن اعتبار التصادق على الزواج جنحة؛ إذ يتحايل البعض على القانون من خلال عقد الزواج
بعقد عرفي، ثم التصادق على الزواج، بعد بلوغ الفتاة السن المحددة قانونا.
كما نصت
المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، على أنه يزاد بمقدار المثل الحد
الأدنى للعقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل، أو إذا ارتكبها أحد والديه
أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه،
أو كان خادمًا عند من تقدم ذكرهم.
و أضاف أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج أو حاز أو بث أي أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسي للطفل، ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة في ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن 6 أشهر، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير وحسن النية.