أجهزة المحمول تسرق عقول الصغار.. والآباء: إدمان "الموبايلات" أصاب أطفالنا بتشتت الذهن وفرط الحركة
كتبت/ آلاء
الطباخ، وأسماء عزت، ونوران نعمان
ينجذب الطفل
بطبيعته لأي شيء جديد، ويوجد لديه شغف لإكتشاف كل ما هو جديد، والتكنولوجيا بالنسبة
للطفل ما هي إلا لعبة جديدة يريد اكتشافها، ومعرفة طريقة استخدامها، وبداية تأثيرها
على الأطفال بالسلب هو الاستخدام المفرط الذى يُؤذى الطفل، والتى تظهر بشكل ملحوظ في
تأخر نمو الطفل سواء البدني أو العاطفي أو المعرفي، وحدوث اضطرابات النوم والقلق اللي
يمكن أن يعانى منها الطفل.
قالت سهيلة
مجدى، ربة منزل، إن التكنولوجيا تؤثر بشكل كبير على الطفل من خلال الهواتف
المحمولة، فإن لديها طفلها الأكبر التى يبلغ من العمر 5 أعوام فأنه يقضى أوقات
كبيرة أمام الهاتف والإنترنت، والتى كان له أثر واضح فى تكوينه فأدى إلى تأخر نمو
ابنها اللغوي حتى سن الخامسة وهو لا يستطيع نطق كلمة واحدة واستخدام لغة الصريخ
الشديد والإنفعال فى حالة عدم إعطائه للهاتف والتى اضطرتها إلى الذهاب لدكتورة
تخاطب وتعديل سلوك؛ لتغيير سلوك طفلها ومعالجته.
وروت روان السيد، ربة منزل، أن طفلها كان يجلس فترات طويلة أمام الهاتف المحمول؛ مما أدى إلى تأخر النمو الجسدى للطفل، وإصابته ببعض الأمراض النفسية والجسدية عند أخذ الهاتف المحمول، لكنها استطاعت السيطرة على الموقف فى وقت مبكر وقامت بتحديد ساعة واحدة له فى اليوم للجلوس على الهاتف على فترات مختلفة، واعتمدت على جلوسها معه وباقي الاسرة فترات أطول ومشاركته معهم فى الحديث وسماعه وإبداء رأيه فى الموضوعات، وذلك لتنمية التواصل الفعال لديه والذى كان له دور إيجابي فى عدم مواصلة ابنها فى استخدام الهاتف المحمول بشكل مفرط مثلما قام من قبل وأنه أصبح يتمتع بقوة جسدية جيدة وذلك لأنها قامت بتدريبه والإشتراك له فى النادي الرياضي لتنمية مهارته الحركية، ولينعم بصحة جسدية جيدة.
أما عن سامي
عيسى، الذي يبلغ من العمر 40عامًا، فذكر أن ابنته لديها من العمر خمس سنوات، وهي
منذ فترة قصيرة دخلت عالم التكنولوجيا عن طريق الهاتف المحمول التي تمتلكه والدتها
وهي طيلة صحيانها وهي تمسك الهاتف للعب عليه وكلما تترك الهاتف لوالدتها إذا تتحدث
فيه او أخذته منها لغرض ما فهي تزجر و تغضب و تبكي حتى تعطيها أمها الهاتف مرة و
كأن شئ لم يكن فتعود طبيعية كما كانت وكأنه شئ تحول إلي إدمان التكنولوجيا و نتيجة
ذلك على الرغم من عمرها هذا إلا إنها مازالت متأخرة في الحديث بعض الشيء، ولديها
صعوبة في نطق بعض الحروف.
"اليوتيوب" والتقليد
وبيَنت
نوران سامي، ربة منزل تبلغ من العمر 25 عامًا، أن لديها طفل يمتلك من العمر عامين
ونص، متأثر جدًا بمواقع السوشيال ميديا وبالأخص "اليوتيوب" ومنذ فترة
ليست بالقصيرة وهو يشاهد أحد مواقع السوشيال الميديا المعروف بإسم (اليوتيوب)
يشاهده لأوقات طويلة للغاية مما أنتج عن ذلك تأثره بالشخصيات الكرتونية التي يراها
أمامه على شاشة المحمول ويقوم بتقليد بعض الحركات الخاطئة التي يفعلونها هؤلاء
الشخصيات وايضًا بعض الكلمات التي يسمعها منهم؛ مما يعكس هذا مدى تأثير هؤلاء
الشخصيات الخيالية عليه في الحياة الواقعية، بالإضافة أنه حالياً أصيب بإدمان
الهاتف الذكي ولم يتخلى عنه إطلاقًا وذلك أثر عليه في عدم التفاعل مع الأشخاص
والعالم الواقعي مما يعكس عليه بالسلب في أفعاله وتصرفاته.
أضرار جسدية
وأضافت منى محمد، ربة منزل ٣٦ عامًا، أنها تعانى من مشاهدة طفلتها للتلفاز والموبايل لساعات طويلة وبالتالى أدى لالحاق الضرر بعيونها، وابتعاد طفلتها عن قراءة القصص والروايات الهادفة التى تفتح ذهن الطفل وتنمى ذكائه، وإنها تحاول تقنين استخدام طفلتها له.
وأشارت هدير
أحمد، ربة منزل ٢٥ عامًا، إلى أن طفلها يستخدم الأجهزة الذكية لفترات طويلة، وظهرت
لديه أعراض مثل عدم الانتباه وفرط الحركة وتشتيت الذهن لديه، وتسعى حاليًا إلى أن
يستخدمه دون مبالغة لأنه أصبح أداة اساسية في التعلم ومن الصعب إبعاد الأطفال عنه.
عنف وعدوانية
كما وجدت
داليا على، معلمة، تبلغ من العمر ٤٠ عامًا، أن طفلها يجلس لوقت طويل على الألعاب
الالكترونية وتحول الأمر إلى إدمان واصبح من الصعب التخلي عنها، وتجد أن أكثر
حديثه عن الالعاب الالكترونية فقط لا غير ويفكر بما سوف يحققه في اللعبة، وإنها
تحاول التحكم في استخدامه لمثل هذه الالعاب وإلا تحتوى على حركات عدوانية وعنيفة.
الآباء وغياب التفاعل
ومن جانبها،
أكدت شروق السيد، أخصائية تربية خاصة، أن للتكنولوجيا أثر سىء علي الأطفال، فكثير
من الأطفال يجلسون أمام الهواتف المحمولة والتليفزيون بشكل كبير مما يؤثر على حاسة
النظر والسمع لديهم فقط دون ظهور رد فعل إليهم، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة
بالأوتيزم أو ما يُعرف بالتوحد، وأيضًا يمكن حدوث تأخر نمو الطفل اللغوي، وذلك
نتيجة تعرض الطفل لفترات طويلة للهاتف دون تلقى أو إظهار أى رد فعل منه سواء في
النطق أو الحركة.
ولفتت
"السيد" إلى أن ذلك يحدث نتيجة غياب التفاعل والتواصل الوجه لوجه بين
الآباء والأطفال عندما يقضي الأطفال وقتًا طويلاً أمام الشاشات، حيث أن التفاعل
يوفر المعلومات للأطفال من خلال تعابير الوجه والكلمات ونبرة الصوت.
التكنولوجيا ومخاطرها
وفي السياق
ذاته، رأى الدكتور تامر جمال، استشاري واخصائي نفسي، أن تأثير التكنولوجيا على الأطفال تسبب في مشاكل كثيرة لدى الأطفال ومنها، تأخر في النطق، وعدم التركيز والأنتباه، وقد تسبب مشاكل في النوم، لافتًا إلى أن زيادة عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام شاشات الهواتف، تزيد من الآثار السلبية على صحته العقلية والجسدية والنفسية مثل إضعاف في نظر الطفل، كذلك التأثير على النمو الصحيح لعظامه؛ لأنه يظل جالس بوضعية معينة لمدة كبيرة أمام شاشة هاتف المحمول وذلك بيأثر على ظهره وفقراته، بالإضافة إلى قضاء الطفل وقت كبير في الألعاب الإلكترونية، ومشاهدة الفيديوهات لأطول وقت ممكن يصيبه بالكسل والخمول، ويستهلك كل طاقته، مما يؤدي إلى إضعاف نموه الجسدي.
فضلًا عن
ذلك، أشار "جمال" إلى أن متلازمة الشاشة من الأمراض التي قد تسبب الضغط على المخ، وهو ما يؤدي إلى خلل في الجهاز العصبي للأطفال، وتشمل أعراضها عادةً ضعف التركيز والعصبية والسلوك العدواني، كما أن الأطفال المُصابين بها يشعرون بالإحباط والبكاء والغضب بسهولة، وخاصة من سن سنتين إلى خمس أو ستة سنوات، هي المرحلة المصاحبة لعملية تطور الدماغ، حيث تتأثر خلايا المخ بطول فترة الاستخدام.
واستطرد: كما تؤدي لضعف المهارات اللغوية والتعلم، مما قد يفقده القدرة على الكلام في كثير من الأحيان، وهنا يكون لديه صعوبة في النطق، وللتخلص من تلك الكارثة يجب أن الآباء والأمهات أن يهتموا بأطفالهم بالأخص في السن المبكر لديهم وعدم جلوسهم لأوقات طويلة أمام الهواتف وتحديد لهم وقت معين لإستخدامهم للهواتف، وعدم الإفراط في استخدامهم للتكنولوجيا بشكل عموما لتجنب أي تأثير سلبي منها، بجانب انتباهم الشديد لمساعدة الطفل في الممارسات الرياضية والتفاعل بشكل أكثر مع الاطفال والعالم الواقعي.
توفير البدائل
أما عن رأي
الدكتور جمال فرويز، أستاذ علم النفس، فأشار إلى أن زيادة استخدام الأجهزة الذكية يعمل على اجهاد الخلايا العصبية لدى الطفل مما يقلل التركيز والانتباه وبالتالى يؤثر على تحصيله الدراسى ونموه المعرفى، ونجد أنه يميل للانطوائية والعزلة وعدم التحدث مع الأخرين، أو قد يحدث العكس فرط الحركة والنشاط وعصبية زائدة مع عدم الانتباه.
واختتم
"فرويز" حديثه ناصحًا بتوفير البديل كممارسة الأنشطة الرياضية، والتعرف على مواهبهم، وتحديد وقت معين لاستخدام هذه الأجهزة.